دعاء الندبة الشّريف
- السيّد ابن طاووس رضي الله عنه:
ذكر بعض أصحابنا قال: قال محمد بن علي ابن أبي قرة نقلت من كتاب محمد بن الحسين بن
سفيان البزوفري رضي الله عنه دعاء الندبة وذكر أنه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله
عليه.
وقال الشّيخ المشهدي رضي الله عنه:
قال محمد بن أبي قرة: نقلت من كتاب أبي جعفر محمد بن الحسين ابن سفيان
البزوفري
رضي الله عنه هذا الدعاء وذكر فيه أنّه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله عليه وعجل
فرجه وفرجنا به:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا. اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا جَرَى بِهِ قَضَاؤُكَ
فِي أَوْلِيَائِكَ الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ، إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ مَا عِنْدَكَ مِنَ النَّعِيمِ
الْمُقِيمِ الَّذِي لَا زَوَالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلَالَ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ
عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجَاتِ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِهَا
وَزِبْرِجِهَا، فَشَرَطُوا لَكَ ذَلِكَ، وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفَاءَ بِهِ
فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ، وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ
وَالثَّنَاءَ الْجَلِيَّ، وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلَائِكَتَكَ، وَكَرَّمْتَهُمْ
بِوَحْيِكَ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّرَائِعَ إِلَيْكَ،
وَالْوَسِيلَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ، فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ إِلَى أَنْ
أَخْرَجْتَهُ مِنْهَا، وَبَعْضُهُمْ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ مَعَ
مَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ
لِنَفْسِكَ خَلِيلًا، وَسَأَلَكَ لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرَةِ فَأَجَبْتَهُ
وَجَعَلْتَ ذَلِكَ عَلِيّاً، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً،
وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِدْءًا وَوَزِيرًا، وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ
غَيْرِ أَبٍ وَآتَيْتَهُ الْبَيِّنَاتِ، وَأَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، وَكُلٌّ
شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهَاجًا، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ
أَوْصِيَاءَ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ، مِنْ مُدَّةٍ إِلَى مُدَّةٍ،
إِقَامَةً لِدِينِكَ، وَحُجَّةً عَلَى عِبَادِكَ، وَلِئَلَّا يَزُولَ الْحَقُّ
عَنْ مَقَرِّهِ وَيَغْلِبَ الْبَاطِلُ عَلَى أَهْلِهِ، وَلِئَلَّا يَقُولَ أَحَدٌ:
"لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا" مُنْذِراً وَأَقَمْتَ لَنَا
عَلَماً هَادِياً "فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى"،
إِلَى أَنِ انْتَهَيْتَ بِالْأَمْرِ إِلَى حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ (صلّى
الله عليه وآله)، فَكَانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ،
وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ، وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ، وَأَكْرَمَ مَنِ
اعْتَمَدْتَهُ، قَدَّمْتَهُ عَلَى أَنْبِيَائِكَ، وَبَعَثْتَهُ إِلَى
الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبَادِكَ، وَأَوْطَأْتَهُ مَشَارِقَكَ وَمَغَارِبَكَ، وَسَخَّرْتَ
لَهُ الْبُرَاقَ، وَعَرَجْتَ بِهِ إِلَى سَمَائِكَ، وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ مَا
كَانَ وَمَا يَكُونُ إِلَى انْقِضَاءِ خَلْقِكَ، ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ،
وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَالْمُسَوِّمِينَ مِنْ مَلَائِكَتِكَ،
وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ
أَهْلِهِ، وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ "أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ
لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ"، "فِيهِ آيَاتٌ
بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا" وَقُلْتَ:
"إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"، ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ
عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتَابِكَ، فَقُلْتَ: "لَّا أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى"، وَقُلْتَ: "مَا
سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَلَكُمْ"، وَقُلْتَ: "مَا أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا"،
فَكَانُوا هُمُ السَّبِيلَ إِلَيْكَ وَالْمَسْلَكَ إِلَى
رِضْوَانِكَ.
فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُ
أَقَامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا
وَعَلَى آلِهِمَا هَادِيًا، إِذْ كَانَ هُوَا لْمُنْذِرَ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، فَقَالَ
وَالْمَلَأُ أَمَامَهُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ
وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ
مَنْ خَذَلَهُ، وَقَالَ مَنْ كُنْتُ نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ، وَقَالَ أَنَا
وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى،
وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، فَقَالَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ
هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ
سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ مَا حَلَّ لَهُ،
وَسَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَهُ، ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ،
فَقَالَ أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ
فَلْيَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا، ثُمَّ قَالَ أَنْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوَارِثِي،
لَحْمُكَ لَحْمِي، وَدَمُكَ دَمِي، وَسِلْمُكَ سِلْمِي، وَحَرْبُكَ حَرْبِي،
وَالْإِيمَانُ مُخَالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَمَا خَالَطَ لَحْمِي وَدَمِي،
وَأَنْتَ غَدًا عَلَى الْحَوْضِ خَلِيفَتِي، وَأَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَتُنْجِزُ
عِدَاتِي، وَشِيعَتُكَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ
حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جِيرَانِي، وَلَوْ لَا أَنْتَ يَا عَلِيُّ لَمْ
يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي، وَكَانَ بَعْدَهُ هُدًى مِنَ الضَّلَالِ،
وَنُورًا مِنَ الْعَمَى، وَحَبْلَ اللَّهِ الْمَتِينَ، وَصِرَاطَهُ
الْمُسْتَقِيمَ، لَا يُسْبَقُ بِقَرَابَةٍ فِي رَحِمٍ، وَلَا بِسَابِقَةٍ فِي
دِينٍ، وَلَا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ، يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِمَا وَآلِهِمَا، وَيُقَاتِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ، وَلَا تَأْخُذُهُ فِي
اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، قَدْ وَتَرَ فِيهِ صَنَادِيدَ الْعَرَبِ، وَقَتَلَ
أَبْطَالَهُمْ، وَنَاهَشَ ذُؤْبَانَهُمْ، فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقَادًا
بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ، فَأَضَبَّتْ عَلَى
عَدَاوَتِهِ، وَأَكَبَّتْ عَلَى مُنَابَذَتِهِ، حَتَّى قَتَلَ النَّاكِثِينَ
وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ، وَلَمَّا قَضَى نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقَى
الْآخِرِينَ يَتْبَعُ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ، لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ
اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله) فِي الْهَادِينَ بَعْدَ الْهَادِينَ، وَالْأُمَّةُ
مُصِرَّةٌ عَلَى مَقْتِهِ، مُجْتَمِعَةٌ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمِهِ وَإِقْصَاءِ
وُلْدِهِ، إِلَّا الْقَلِيلَ مِمَّنْ وَفَى لِرِعَايَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ،
فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ، وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ، وَجَرَى
الْقَضَاءُ لَهُمْ بِمَا يُرْجَى لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ، وَكَانَتِ الْأَرْضُ
لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
يَا ابْنَ الْأَطَايِبِ
الْمُسْتَظْهَرِينَ، يَا ابْنَ الْخَضَارِمَةِ الْمُنْتَجَبِينَ، يَا ابْنَ
الْقَمَاقِمَةِ الْأَكْبَرِينَ، يَا ابْنَ الْبُدُورِ الْمُنِيرَةِ، يَا ابْنَ
السُّرُجِ الْمُضِيئَةِ، يَا ابْنَ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ، يَا ابْنَ الْأَنْجُمِ
الزَّاهِرَةِ، يَا ابْنَ السُّبُلِ الْوَاضِحَةِ، يَا ابْنَ الْأَعْلَامِ
اللَّائِحَةِ، يَا ابْنَ الْعُلُومِ الْكَامِلَةِ، يَا ابْنَ السُّنَنِ
الْمَشْهُورَةِ، يَا ابْنَ الْمَعَالِمِ الْمَأْثُورَةِ، يَا ابْنَ الْمُعْجِزَاتِ
الْمَوْجُودَةِ، يَا ابْنَ الدَّلَائِلِ الْمَشْهُودَةِ، يَا ابْنَ الصِّرَاطِ
الْمُسْتَقِيمِ، يَا ابْنَ النَّبَأِ الْعَظِيمِ، يَا ابْنَ مَنْ هُوَ فِي أُمِّ
الْكِتَابِ لَدَى اللَّهِ عَلِيٌّ حَكِيمٌ، يَا ابْنَ الْآيَاتِ وَالْبَيِّنَاتِ،
يَا ابْنَ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَاتِ، يَا ابْنَ الْبَرَاهِينِ الْبَاهِرَاتِ،
يَا ابْنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَاتِ، يَا ابْنَ النِّعَمِ السَّابِغَاتِ، يَا ابْنَ
طَهَ وَالْمُحْكَمَاتِ، يَا ابْنَ يس وَالذَّارِيَاتِ، يَا ابْنَ الطُّورِ
وَالْعَادِيَاتِ، يَا ابْنَ مَنْ "دَنَا فَتَدَلَّى"، "فَكَانَ
قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى" دُنُوّاً وَاقْتِرَابًا مِنَ الْعَلِيِّ
الْأَعْلَى.
لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ
بِكَ النَّوَى، بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرَى، أَبِرَضْوَى أَمْ
غَيْرِهَا أَمْ ذِي طُوًى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرَى الْخَلْقَ وَلَا تُرَى،
وَلَا أَسْمَعَ لَكَ حَسِيسًا وَلَا نَجْوَى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ
دُونِيَ الْبَلْوَى، وَلَا يَنَالَكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَلَا شَكْوَى، بِنَفْسِي
أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَازِحٍ مَا
نَزَحَ عَنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ أُمْنِيَّةُ شَائِقٍ يَتَمَنَّى مِنْ مُؤْمِنٍ
وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرَا فَحَنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ عَقِيدِ عِزٍّ لَا
يُسَامَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ أَثِيلِ مَجْدٍ لَا يُجَازَى، بِنَفْسِي أَنْتَ
مِنْ تِلَادِ نِعَمٍ لَا تُضَاهَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَصِيفِ شَرَفٍ لَا
يُسَاوَى، إِلَى مَتَى أَحَارُ فِيكَ يَا مَوْلَايَ، وَإِلَى مَتَى وَأَيَّ
خِطَابٍ أَصِفُ فِيكَ وَأَيَّ نَجْوَى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أُجَابَ دُونَكَ
وَأُنَاغَى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الْوَرَى، عَزِيزٌ
عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ مَا جَرَى.
هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ
الْعَوِيلَ وَالْبُكَاءَ، هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَأُسَاعِدَ جَزَعَهُ إِذَا خَلَا،
هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَسَاعَدَتْهَا عَيْنِي عَلَى الْقَذَى، هَلْ إِلَيْكَ يَا
ابْنَ أَحْمَدَ سَبِيلٌ فَتُلْقَى، هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنَا مِنْكَ بِغَدِهِ
فَنَحْظَى.
مَتَى نَرِدُ مَنَاهِلَكَ
الرَّوِيَّةَ فَنَرْوَى، مَتَى نَنْتَفِعُ مِنْ عَذْبِ مَائِكَ فَقَدْ طَالَ
الصَّدَى، مَتَى نُغَادِيكَ وَنُرَاوِحُكَ فَنُقِرَّ مِنْهَا عَيْنًا، مَتَى
تَرَانَا وَنَرَاكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِوَاءَ النَّصْرِ تُرَى، أَتَرَانَا نَحُفُّ
بِكَ وَأَنْتَ تَؤُمُّ الْمَلَأَ وَقَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ عَدْلًا، وَأَذَقْتَ
أَعْدَاءَكَ هَوَانًا وَعِقَابًا، وَأَبَرْتَ الْعُتَاةَ وَجَحَدَةَ الْحَقِّ،
وَقَطَعْتَ دَابِرَ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَاجْتَثَثْتَ أُصُولَ الظَّالِمِينَ،
وَنَحْنُ نَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ أَنْتَ كَشَّافُ
الْكُرَبِ وَالْبَلْوَى، وَإِلَيْكَ أَسْتَعْدِي فَعِنْدَكَ الْعَدْوَى، وَأَنْتَ
رَبُّ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، فَأَغِثْ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ عُبَيْدَكَ
الْمُبْتَلَى، وَأَرِهِ سَيِّدَهُ يَا شَدِيدَ الْقُوَى، وَأَزِلْ عَنْهُ بِهِ
الْأَسَى وَالْجَوَى، وَبَرِّدْ غَلِيلَهُ يَا مَنْ "عَلَى الْعَرْشِ
اسْتَوَى"، وَمَنْ إِلَيْهِ الرُّجْعَى وَالْمُنْتَهَى.
اللَّهُمَّ وَنَحْنُ عَبِيدُكَ
الشَّائِقُونَ إِلَى وَلِيِّكَ الْمُذَكِّرِ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ، خَلَقْتَهُ لَنَا
عِصْمَةً وَمَلَاذًا، وَأَقَمْتَهُ لَنَا قِوَامًا وَمَعَاذًا، وَجَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ
مِنَّا إِمَامًا، فَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلَامًا، وَزِدْنَا بِذَلِكَ
يَا رَبِّ إِكْرَامًا، وَاجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنَا مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا،
وَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْدِيمِكَ إِيَّاهُ أَمَامَنَا، حَتَّى تُورِدَنَا
جِنَانَكَ وَمُرَافَقَةَ الشُّهَدَاءِ مِنْ خُلَصَائِكَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَرَسُولِكَ السَّيِّدِ
الْأَكْبَرِ، وَعَلَى أَبِيهِ السَّيِّدِ الْأَصْغَرِ، وَجَدَّتِهِ الصِّدِّيقَةِ
الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبَائِهِ
الْبَرَرَةِ، وَعَلَيْهِ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأَتَمَّ وَأَدْوَمَ وَأَكْبَرَ
وَأَوْفَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيَائِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ
خَلْقِكَ، وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً لَا غَايَةَ لِعَدَدِهَا، وَلَا نِهَايَةَ
لِمَدَدِهَا، وَلَا نَفَادَ لِأَمَدِهَا.
اللَّهُمَّ وَأَقِمْ بِهِ الْحَقَّ،
وَأَدْحِضْ بِهِ الْبَاطِلَ، وَأَدِلْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ، وَأَذْلِلْ بِهِ
أَعْدَاءَكَ، وَصِلِ اللَّهُمَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدِّي إِلَى
مُرَافَقَةِ سَلَفِهِ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ، وَيَمْكُثُ
فِي ظِلِّهِمْ، وَأَعِنَّا عَلَى تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ، وَالِاجْتِهَادِ
فِي طَاعَتِهِ، وَالِاجْتِنَابِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنَا
بِرِضَاهُ، وَهَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَدُعَاءَهُ وَخَيْرَهُ، مَا
نَنَالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَفَوْزاً عِنْدَكَ، وَاجْعَلْ صَلَاتَنَا
بِهِ مَقْبُولَةً، وَذُنُوبَنَا بِهِ مَغْفُورَةً، وَدُعَاءَنَا بِهِ
مُسْتَجَابًا، وَاجْعَلْ أَرْزَاقَنَا بِهِ مَبْسُوطَةً، وَهُمُومَنَا بِهِ مَكْفِيَّةً،
وَحَوَائِجَنَا بِهِ مَقْضِيَّةً، وَأَقْبِلْ إِلَيْنَا بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ،
وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنَا إِلَيْكَ، وَانْظُرْ إِلَيْنَا نَظْرَةً
رَحِيمَةً نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرَامَةَ عِنْدَكَ، ثُمَّ لَا تَصْرِفْهَا
عَنَّا بِجُودِكَ، وَاسْقِنَا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ (صلّى الله عليه وآله)
بِكَأْسِهِ وَبِيَدِهِ، رَيًّا رَوِيًّا، هَنِيئًا سَائِغًا لَا ظَمَأَ بَعْدَهُ،
يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.