"لَعَنَ الله عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَأَبْرَأُ إِلى الله مِنْهُمْ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ"

آخر المواضيع

الأحد، 15 فبراير 2015

جواز تفريع الأحكام مِنَ الأُصول الّتي وضعها أهل البيت (عليهم السّلام)، وعدم مشروعيّة الأُصول الخارجة عَنْ غيرهم

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيم
اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ عَدُوّهُمْ



موضوع مهمّ لشيعة أهل البيت (عليهم السّلام) حول: "جواز تفريع الأحكام مِنَ الأُصول الّتي وضعها أهل البيت (عليهم السّلام)، وعدم مشروعيّة الأُصول الخارجة عَنْ غيرهم". مع ذكر باب "ما يُمكن أنْ يُستنبط منه أُصول مسائل الفقه"، لكن لا يخفى أنّ الأُصول الّتي نتحدّث عنها تشمل الدّين كلّه، سواء كان في مسائل الفقه الأصغر أو في مسائل العقيدة أو الفِكْر أو السّياسة، (...) إلخ.
فالآيات الكريمة والرّوايات الشّريفة مُطلقة لا تخصّص الرّجوع إلى أهل البيت (عليهم السّلام) في عِلم دون آخر، بل تشمل كلّ العلوم بل وكلّ ما يتعلّق بالإنسان. 
ابتدأنا الموضوع بثلاث مقدّمات مهمّة، وهي:
- أوّلًا: كمال الدّين وتمام النّعمة بولاية أهل البيت (عليهم السّلام)، وفي القرآن الكريم وروايات القيّمين عليه (عليهم السّلام) الغِنى والكفاية.
- ثانيًا: كلّ شيء ورد فيه كتاب وسُنّة، وعِلْمَ ذلك عند آل محمّد (عليهم السّلام).
- ثالثًا: كلّ عِلم أو حُكم لم يخرج من عند أهل البيت (عليهم السّلام) فهو باطل.


- أوّلًا: كمال الدّين وتمام النّعمة بولاية أهل البيت (عليهم السّلام)، وفي القرآن الكريم وروايات القيّمين عليه (عليهم السّلام) الغِنى والكفاية
روى علماء الإسلام وأعلام المسلمين (رضي الله تعالى عنهم) بأسنادهم: عن عبد العزيز بن مسلم قال: "كنّا مع الرضا (عليه السّلام) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف النّاس فيها فدخلت على سيّدي (عليه السّلام) فأعلمته خوض الناس فيه فتبسّم (عليه السّلام)، ثمّ قال يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم إن الله عز وجل لم يقبض نبيّه (صلّى الله عليه وآله) حتّى أكمل له الدّين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء بيّن فيه الحلال والحرام، والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كَمَلًا فقال عزّ وجلّ: {مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره (صلّى الله عليه وآله): {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}، وأمر الإمامة مِنْ تمام الدّين ولَمْ يمضِ (صلّى الله عليه وآله) حتّى بين لأُمّته معالِم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحقّ وأقام لهم عليًّا (عليه السّلام) عَلَمًا وإمامًا وما ترك لهم شيئًا يحتاج إليه الأمّة إلّا بيّنه، فمن زعم أنّ الله عزّ وجلّ لم يُكْمِلْ دينه فقد ردَّ كتاب الله، ومَنْ ردَّ كتاب الله فهو كافِرٌ بِهِ"(1).


- ثانيًا: كلّ شيء ورد فيه كتاب وسُنّة وعِلْمَ ذلك عند آل محمّد (عليهم السّلام)
روى الشّيخ أبو جعفر الكُليني (رضي الله عنه)، تحت باب: "الردّ إلى الكتاب والسُّنّة وأنّه ليس شيء مِنَ الحلال والحرام وجميع ما يحتاج النّاس إليه إلّا وقد جاء فيه كتاب أو سُنّة"؛ بأسناده:
1- عن مرازم عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: "إنّ الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء حتّى والله ما ترك الله شيئًا يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبدٌ يقول: لو كان هذا أُنزل في القرآن، إلّا وقد أنزله الله فيه".
2- عن عمر بن قيس عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: "إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئًا يحتاج إليه الأُمّة إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله (صلّى الله عليه وآله) وجعل لكلّ شيء حدًّا وجعل عليه دليلًا يدلّ عليه، وجعل على من تعدّى ذلك الحدّ حدًّا".
3- عن سليمان بن هارون، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول: "ما خلق الله حلالًا ولا حرامًا إلّا وله حدّ كحدّ الدّار، فما كان مِنَ الطريق فهو مِنَ الطريق، وما كان مِنَ الدّار فهو مِنَ الدّار حتّى أرش الخدش فما سواه، والجلدة ونصف الجلدة".
4- عن حمّاد عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: "ما مِنْ شيء إلّا وفيه كتاب أو سُنّة".
5- عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام): "إذا حدّثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله، ثمّ قال في بعض حديثه، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نهى عن القيل والقال، وفساد المال، وكثرة السّؤال. فقيل له: يا ابن رسول الله، أين هذا مِنْ كتاب الله؟ قال: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} وقال: {ولَا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيامًا} وقال: {لَا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}".
6- عن المعلّى بن خُنَيْس، قال: قال أبو عبد الله (عليه السّلام): "ما مِنْ أمر يختلف فيه اثنان إلّا وله أصل في كتاب الله عزّ وجلّ ولكن لا تبلغه عُقول الرّجال".
7- عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): "أيّها النّاس إنّ الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرّسول (صلّى الله عليه وآله) وأنزل إليه الكتاب بالحقِّ وأنتم أُمِّيُّون عن الكتاب ومَنْ أنزله، وعَنِ الرّسول ومِنْ أرسله، على حين فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسل، وطول هَجْعَةٍ مِنَ الأُمم، وانبساطٍ مِنَ الجهل، واعتراضٍ مِنَ الفتنة، وانْتِقاضٍ مِنَ الْمُبْرَم، وعمًى عَنِ الحقّ، واعتسافٍ مِنَ الجَوْر، وامتحاقٍ مِنَ الدّين، وتَلَظٌّ مِنَ الحُروب، عَلَى حِينِ اصْفِرَارٍ مِنْ رِيَاضِ جَنَّاتِ الدُّنْيَا، ويُبْسٍ مِنْ أَغْصَانِهَا وانْتِثَارٍ مِنْ وَرَقِهَا ويَأْسٍ مِنْ ثَمَرِهَا واغْوِرَارٍ مِنْ مَائِهَا، قَدْ دَرَسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى فَظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى، فَالدُّنْيَا مُتَهَجِّمَةٌ فِي وُجُوه أَهْلِهَا، مُكْفَهِرَّةٌ مُدْبِرَةٌ غَيْرُ مُقْبِلَةٍ، ثَمَرَتُهَا الْفِتْنَةُ وطَعَامُهَا الْجِيفَةُ وشِعَارُهَا الْخَوْفُ ودِثَارُهَا السَّيْفُ، مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ وقَدْ أَعْمَتْ عُيُونَ أَهْلِهَا، وأَظْلَمَتْ عَلَيْهَا أَيَّامُهَا، قَدْ قَطَّعُوا أَرْحَامَهُمْ وسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ ودَفَنُوا فِي التُّرَابِ الْمَوْؤُودَةَ بَيْنَهُمْ مِنْ أَوْلَادِهِمْ، يَجْتَازُ دُونَهُمْ طِيبُ الْعَيْشِ ورَفَاهِيَةُ خُفُوضِ الدُّنْيَا، لَا يَرْجُونَ مِنَ الله ثَوَابًا ولَا يَخَافُونَ والله مِنْه عِقَابًا، حَيُّهُمْ أَعْمَى نَجِسٌ ومَيِّتُهُمْ فِي النَّارِ مُبْلَسٌ، فَجَاءَهُمْ بِنُسْخَةِ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى، وتَصْدِيقِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْه، وتَفْصِيلِ الْحَلَالِ مِنْ رَيْبِ الْحَرَامِ، ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه ولَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ، أُخْبِرُكُمْ عَنْه، إِنَّ فِيه عِلْمَ مَا مَضَى وعِلْمَ مَا يَأْتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وحُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ وبَيَانَ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيه تَخْتَلِفُونَ، فَلَوْ سَأَلْتُمُونِي عَنْه لَعَلَّمْتُكُمْ".
8- عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول: "قد ولدني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنا أعلم كتاب الله وفيه بدء الخلق، وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر الجنّة وخبر النّار، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفّي، إنّ الله يقول: فيه تبيان كلّ شيء".
9- عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وفصل ما بينكم، ونحن نعلمه".
10- عن سُماعة، عن أبي الحسن موسى (عليه السّلام) قال: "قُلت له: أَكُلّ شيء في كتاب الله وسُنّة نبيّه (صلّى الله عليه وآله)؟ أو تقولون فيه؟ قال: بل كلّ شيء في كتاب الله وسُنّة نبيّه (صلّى الله عليه وآله)"(2).


- ثالثًا: كلّ عِلم أو حُكم لم يخرج من عند أهل البيت (عليهم السّلام) فهو باطل
روى الشّيخ أبو جعفر الكُليني (رضي الله عنه)، تحت باب: "أنّه ليس شيء مِنَ الحقّ في يدِ النّاس إلّا ما خرج من عند الأئمة (عليهم السّلام) وأنّ كلّ شيء لَمْ يخرج مِنْ عندهم فهو باطل"؛ بأسناده:
1- عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: "ليس عند أحد من النّاس حقّ ولا صواب ولا أحد من النّاس يقضي بقضاء حقّ إلّا ما خرج منّا أهل البيت، وإذا تشعّبت بهم الأمور كان الخطأ منهم والصّواب مِنْ عليّ (عليه السّلام)".
2- عن زرارة، قال: "كنت عند أبي جعفر (عليه السّلام) فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين (عليه السّلام): "سلوني عمّا شئتم فلا تسألوني عن شيء إلّا أنبأتكم به". قال: إنّه ليس أحدٌ عنده علم شيء إلّا خرج مِنْ عند أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فليذهب النّاس حيث شاؤوا، فوالله ليس الأمر إلّا مِنْ ههنا - وأشار بيده إلى بيته -".
3- عن أبي مريم، قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام) لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: "شرّقا وغرّبا فلا تجدان عِلْمًا صحيحًا إلّا شيئًا خرج مِنْ عندنا أهل البيت".
4- عن أي بصير، قال: "قال لي: إنّ الحكم بن عتيبة ممّن قال الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ}.[البقرة:8]، فليشرّق الحكم وليغرّب، أما والله لا يصيب العلم إلّا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل".
5- عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة ولد الزنا تجوز ؟ فقال : لا فقلت : إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز . فقال : اللّهمّ لا تغفر ذنبه، ما قال الله للحكم {إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}.[الزُّخرف:42] فليذهب الحكم يمينًا وشمالًا، فوالله لا يُؤخذ العلم إلّا مِنْ أهل بيت نزل عليهم جبرئيل (عليه السّلام).
6- عن سالم بن سعيد المخزومي، قال: بينا أنا جالسٌ عند أبي عبد الله (عليه السّلام) إذ دخل عليه عبّاد بن كثير - عابد أهل البصرة - وابن شُريح - فقيه أهل مكّة - وعند أبي عبد الله (عليه السّلام) ميمون القدّاح مولى أبي جعفر (عليه السّلام)، فسأله عبّاد بن كثير فقال: يا أبا عبد الله، في كم ثوب كُفّن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟
قال: في ثلاثة أثواب: ثوبين صُحَارِيَّيْنِ وثوب حِبَرَةٍ، وكان في البُرْدِ قِلّةٌ، فكأنّما ازْوَرَّ عبّاد بن كثير من ذلك، فقال أبو عبد الله (عليه السّلام): إنّ نخلة مريم (عليها السّلام) إنّما كانت عَجْوَة ونزلت مِنَ السّماء، فما نبت مِنْ أصلها كان عجوة وما كان مِنْ لُقاط فهو لَوْنٌ.
فلمّا خرجوا من عنده قال عبّاد بن كثير لابن شريح: والله ما أدري ما هذا المثل الّذي ضربه لي أبو عبد الله. فقال ابن شريح: هذا الغلام يُخبرك فإنّه منهم - يعني ميمون - فسأله فقال ميمون: أما تعلم ما قال لك؟ قال: لا والله. قال: إنّه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك أنّه وَلَدٌ مِنْ وُلْدِ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعِلْم رسول الله عندهم، فما جاء مِنْ عندهم فهو صواب وما جاء من عند غيرهم فهو لُقاط"(3).


- جواز تفريع الأحكام مِنَ الأُصول الّتي وضعها أهل البيت (عليهم السّلام)، وعدم مشروعيّة الأُصول الخارجة عَنْ غيرهم
* روى الشّيخ عليّ النّمازي الشّاهرودي (رحمه الله تعالى)، تحت عنوان: "جواز تفريع الأحكام مِنَ الأُصول"، مادّة "أصل" قال:
- "السّرائر": من جامع البزنطي، عن الرّضا (عليه السّلام) قال: "علينا إلقاء الأُصول إليكم وعليكم التّفريع".
- ومنه، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: "إنّما علينا أنْ نلقي إليكم الأُصول وعليكم أنْ تفرّعوا".
- "غوالي اللّئالي": روى زرارة وأبو بصير عن الباقر والصّادق (عليهما السلام) مثله.
يدلّ على جواز استنباط الأحكام مِنْ العُمومات.
- في "الفقيه" بطريق صحيح، عن إسحاق بن عمّار أنّه قال: "قال لي أبو الحسن الأوّل (عليه السّلام): "إذا شككت فابن على اليقين. قال: قلت: هذا أصل؟ قال: نعم".

من الأصول قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}.[البقرة:286].
وقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}.[الأحزاب:5].
وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.[الحجّ:78]
وقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}.[البقرة:172].
وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ}.[البقرة:173].
وقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}.[النّساء:29].
 وقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.[البقرة:195]. 
وقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}.[الأعراف:31].
وقوله تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}.[التوبة:61]. قال الصّادق (عليه السّلام): "أي يصدق لله ويصدق للمؤمنين فإذا شهد عندك المؤمنون فصدّقهم".

باب ما يُمكن أنْ يُستنبط منه أُصول مسائل الفقه
- "كنز جامع الفوائد" و"تأويل الآيات الظاهرة" معًا: عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في حديث قال: "ألا لا حرج على مضطر".
- "مُنتخب البصائر": في الصّحيح عن ابن طريف، قال: "قلت لأبي جعفر (عليه السّلام): "ما تقول في مَنْ أخذ منكم عِلْمًا فنسيه؟ قال: لا حُجة عليه إنّما الحُجّة على من سمع منّا حديثًا فأنكره أو بلغه فلم يُؤمن به وكفر، فأمّا النسيان فهو موضوع عنكم".
- "التوحيد": عن الصّادق (عليه السّلام) قال: "ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم".
- "تُحَفْ العُقول": قال الصّادق (عليه السّلام): "كلّ ما حجب الله عن العباد فموضوع عنهم حتّى يعرفهموه.
- "المحاسن": عن الصّادق (عليه السّلام): "إنّما احتجّ الله على العباد بما آتيهم وعرّفهم". ومثله في رواية أخرى.
أقول: يظهر من الرّوايتين أنّه ما لم يعرّفهم فهو موضوع عنهم ولا يحتجّ عليهم به ويشهد له ما سيأتي.

- "المحاسن": عن الصّادق عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) في حديث السفرة المطروحة في الطريق فيها لحم وخبز وغيرهما لا يدري سفرة مسلم أو مجوس، قال: "هم في سعة حتّى يعلموا".
قال المجلسي: ورواه الشّيخ عن السّكوني عنهما (عليهما السّلام)، وفيه إشكال، إذْ على المشهور لا يجوز استعمال ما يُشترط فيه الذبح إلّا إذا أُخذ من سوق المسلمين، أو علم بالتذكية والأصل عندهم عدمها. وظاهر هذا الخبر وكثير من الأخبار جواز أخذ اللحم المطروح والجلد المطروح لا سيّما إذا انضمت إليه قرينة تورث الظنّ بالتذكية.

- "الشهاب": النبويّ (صلّى الله عليه وآله): "النّاس في سعة ما لم يعلموا".
- "غوالي الّلئالي": قال الصّادق (عليه السّلام): "كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نصّ".
- "مَنْ لا يحضره الفقيه": عن الصّادق (عليه السّلام) مثله إلّا أنّه فيه: "حتّى يرد فيه نهيّ".
- "أمالي الطّوسي: عن الصّادق (عليه السّلام) قال: "الأشياء مطلقة ما لَمْ يرد عليك أمر ونهيّ، وكلّ شيء يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدًا ما لم تعرف الحرام منه فتدعه".
- "التهذيب": ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السّلام): "كلّ شيء يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبدًا حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه".
- "السّرائر": من كتاب ابن محبوب مثله.
- ورواه في "الكافي" بسند صحيح عنه مثله.
- "التهذيب": في الصحيح عن ضريس الكناسي قال: "سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالرّوم أنأكله؟ فقال: أمّا ما علمت أنّه قد خلطه الحرام فلا تأكل، وأمّا ما لم تعلم فكله حتّى تعلم أنّه حرام".
- "السرائر" من كتاب ابن محبوب مثله.
- "الكافي": عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: "كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه، فتدعه مِنْ قِبَل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون قد اشتريته وهو سرقة، أو المملوك عندك ولعلّه حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهر، أو امرأة تحتك وهي أختك، أو رضيعتك، والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة".
وسائر الأخبار الدّالة على الإباحة في مورد الشكّ بالحكم الفعلي إذا كان منشأ شكّه الشبهة الحكمية التحريميّة أي الجهل بالحكم الكلّي وكان بعد الفحص ولم يكن مقرونًا بالعلم الإجمالي الّذي كان جميع أطرافه مجتمعة عنده، أو كان منشأ شكّه الشّبهة الموضوعيّة ولم يقترن بالعلم الإجمالي الّذي يكون أطراف الشبهة عنده في الوسائل والمستدرك.

- ومِنَ الأُصول قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي ضيق.
- من الأصول: "ما حرّم حرام حلالًا قطّ".
- "التهذيب": عن أبي الحسن (عليه السّلام) في حديث: "إذا اجتمعت سُنّة وفريضة بدئ بالفرض".
- "قُرب الإسناد": عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: "لا غلظ على مسلم في شيء".
- "غوالي اللّئالي": روى إسحاق بن عمّار عن الصّادق (عليه السّلام): "أنّ عليًّا (عليه السّلام) كان يقول: "إبهموا ما أبهمه الله". ورواه في "التهذيب" مسندا عنه مثله.
- "الخِصال": عن الصّادق (عليه السّلام) في المغمى عليه، قال: "ألا أُخبرك بما يجمع لك هذا وأشباهه، كلّ ما غلب الله عزّ وجلّ عليه مِنْ أمر فالله أعذر لعبده". وزاد غيره أنّ أبا عبد الله (عليه السّلام) قال: "وهذا من الأبواب الّتي يفتح كلّ باب منها ألف باب.
- "المحاسن": عن الصّادق (عليه السّلام) قال: "النّاس مأمورون ومنهيّون، ومن كان له عذر عذره الله تعالى".
- العلوي (عليه السّلام): "من كان على يقين فأصابه شكّ فليمضِ على يقينه، فإنّ اليقين لا يُدفع بالشّكّ".
- "التهذيب": عن عبد الله بن سنان قال: "سُئل أبو عبد الله (عليه السّلام) وأنا حاضر إنّي أعير الذمّي ثوبي وأنا أعلم أنّه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيردّه عليَّ، فأغسله قبل أنْ أُصلّي فيه؟ فقال أبو عبد الله (عليه السّلام): صلِّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنّك أعرته إيّاه وهو طاهر ولم تستيقن أنّه نجّسه، فلا بأس أنْ تصلّي فيه حتّى تستيقن أنّه نجّسه".
- النبويّ (صلّى الله عليه وآله): "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة".
- النبويّ (صلّى الله عليه وآله): "ما اجتمع الحرام والحلال إلّا غلب الحرام الحلال".
أقول: الظاهر أنّ المراد اجتماع أطراف المشتبهة بالحرام عنده، وغلبة الحرام وجوب الاجتناب عن الجميع.
- النبويّ (صلّى الله عليه وآله): "إنّ الناس مُسلّطون على أموالهم".
- والصّادقي (عليه السّلام): "ليس شيء ممّا حرّمه الله إلّا وقد أحلّه لمن اضطر إليه".
- "الكافي": عن الصّادق (عليه السّلام) في قوله تعالى: {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} قال: "فإذا شهد عندك المؤمنون فصدّقهم".
- "التهذيب"، "الكافي": عن الباقر (عليه السّلام) في حديث الوضوء: "إبدأ بما بدأ الله عزّ وجلّ به".
والصّادقي (عليه السّلام) في حديث السّعي بين الصّفا والمروة: "ابدأوا بما بدأ الله عزّ وجل به".
- "الكافي": الباقري النبويّ (صلّى الله عليه وآله): "كلّ ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب.
"النبويّ (صلّى الله عليه وآله): "لا ضرر ولا ضِرار"
- وفي "شرط": "المؤمنون عند شروطهم". إلى غير ذلك من الآيات والأخبار المذكورة بعضها في "البحار"(4).

لذلك يقول الشّيخ المحقّق يوسف البحرانيّ (رحمه الله تعالى) تحت عنوان "دُرّة نجفيّة في مشروعية الأُصول الخارجة عن غير الأئمّة (عليهم السّلام)، ما نصّه: "روى الجليل أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في كتاب "الجامع" على ما نقله عنه ابن إدريس في "مستطرفات السرائر" عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: "إنّما علينا أنْ نلقي إليكم الأُصول، وعليكم أنْ تفرّعوا". وروى عن أبي الحسن الرّضا (عليه السّلام) - بواسطة - قال: "علينا إلقاء الأُصول، وعليكم التّفريع".
أقول: لا يخفى ما في الخبرين المذكورين - من حيث تقديم الظرف المؤذن بحصر ذلك فيهم - من الدلالة على بطلان الأُصول الخارجة من غيرهم، بمعنى حصر إلقاء الأُصول فيهم (عليهم السّلام)، فكأنّه (عليه السّلام) قال: تأصيل الأُصول الشرعيّة للأحكام علينا لا عليكم، وإنّما عليكم التفريع عليها.
وحينئذٍ؛ فكلّ أصل لا يُوجد له مُستند ولا دليل من كلامهم (عليهم السّلام) فهو بمقتضى الخبرين المذكورين ممّا لا يجوز الاعتماد عليه ولا الرّكون إليه. ثمّ إنّه ممّا ينبغي أنْ يُعلم أنّ خُروج تلك الأُصول والقواعد عنهم (عليهم السّلام) قد تكون بالقضايا المستورة بالكليّة، وقد تكون بتتبّع الجزئيات الواردة عنهم (عليهم السّلام) في أحكام المسألة، كما في القواعد النحويّة المستنبطة مِنْ تتبّع كلام العرب"(5).

أقول: على هذا، فكلّ مسئلة مِنْ مسائل الدّين والفكر والسّياسة والإجتماع إلى آخرها من العلوم والمسائل، إنْ لَمْ نجدها أو لَمْ نجد قواعدها وعموماتها في القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت (عليهم السّلام)، أو وجدنا ما أتانا مُخالف لهما فنضرب به عرض الجدار. فقد أغنانا الله تعالى بالقرآن الكريم وروايات القيّمين عليه (عليهم السّلام)؛ ولا تتمّ لنا المعرفة الصّحيحة بقواعد وعلوم القرآن الكريم وروايات أهل البيت (عليهم السّلام) إلّا باللّزوم لهما والتدبّر فيهما؛ فعن بريد الرزّاز برواية الشّيخ الصّدوق في "معاني الأخبار" عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: "قال أبو جعفر (عليه السّلام): "يا بنيّ، اعرف منازل الشّيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإنّ المعرفة هي الدّراية للرّواية وبالدّرايات للرّوايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الايمان، إنّي نظرت في كتابٍ لعليّ (عليه السّلام) فوجدت في الكتاب أنّ قيمة كل امرءٍ وقدره معرفته، إنّ الله تبارك وتعالى يُحاسب النّاس على قدر ما آتاهم مِنَ العُقول في دار الدُّنيا".
ولا تَنس قول الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السّلام) للبتريّيْن لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: "شرّقا وغرّبا فلا تجدان عِلْمًا صحيحًا إلّا شيئًا خرج مِنْ عندنا أهل البيت". فكلّ ما جاء مِنْ عند آل محمّد (عليهم السّلام) فهو صواب ولا تجده إلّا في القرآن الكريم كُتب الحديث الشّريفة، وما جاء مِنْ عند غيرهم فهو خطأ ولُقاط.

والحَمْدُ لله رَبّ العالمين
اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ عَدُوّهُمْ.



 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع: الكليني، الكافي، 1/ 198-203، ح1؛ النعماني، الغيبة، ص225-231، ح6، باب1؛ الصّدوق، الأمالي، ص477-481، ح1، المجلس97؛ الصّدوق، كمال الدّين وتمام النعمة، ص612-618، ح31، باب5؛ الصّدوق، معاني الأخبار، ص96-101، ح2، باب معنى الإمام المبين؛ الصّدوق، عيون أخبار الرّضا(ع)، 2/ 195-200، ح1، باب20؛ الطبرسي، الإحتجاج، 2/ 433-436؛ ابن شعبة الحرّاني، تُحَف العقول، ص436-442؛ الحرّ العاملي، الفصول المهمّة، 1/ 384-386، ح515؛ المجلسي، بحار الأنوار، 25/ 80-83، ح4، باب4؛ هاشم البحراني، غاية المرام، 3/ 313-316، باب34.
(2) الكُليني، الكافي، 1/ 59-62 كتاب الحُجّة.
(3) الكُليني، م.ن، 1/ 399-400 كتاب الحُجّة.
(4) النّمازي الشاهرودي، مُستدرك سفينة البحار، 1/ 143–149 (بتصرّف)].
(5) يوسف البحرانيّ، الدُّرر النجفيّة، 2/ 383-384 الدُّرّة (41).



الكويت في يوم الأحد الموافق 15 فبراير 2015
السيّد جهاد الموسوي
youtube / channel
visiblewater.blogspot.com
facebook



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.